أحكام الحجّ ركنٌ من أركان الإسلام، فُرض على المسلم المستطيع القادر، والحجّ من أفضل العبادات والقُربات عند الله تعالى، وليس له ثوابٌ إلّا الجنة إذا كان مبروراً، والحجّ يعدل الجهاد في سبيل الله لمن لا يقدر عليه ولا يستطيعه.
ويتحقّق الحج بالعديد من الأعمال، منها الركن، ومنها الواجب، ومنها السنة.
والحج شعيرة الأنبياء كلهم ، فكلهم تشرفوا بزيارة بيت الله الحرام ، وأدوا النسك لله تعالى ، وقال الله تعالى في هذا :” ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا.
فأنت أخي المسلم إن ذهبت إلى الحج فإنك ستقف على ذكريات الأنبياء ، وستزور بيت آل إبراهيم الكرام ، وتقف حيث وقفوا ، وتفعل مثل ما فعلوا ، ستزور بيتا جعله الله عنوانا للتوحيد الخالص والعبودية له وحده سبحانه.
سترى في درس عملي وحدة الأمة على الحقيقة ، كما أرادها الله تعالى ، لا يفرق بينهم لون ولا لغة ولا قومية,
هذا ومن تمام رحمة الله بنا أن منا من لا يستطيع الحج لمرض أو عجز أو أنه انتقل إلى رحمة الله قبل أن يؤدي النسك ، وهو مكلف به ، فجاءت رحمة الله بالنيابة بالحج عن غير القادر العاجر وعن المسلم الميت ، وفي هذا ورد الحديث النبوي الصحيح.
فعَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع رجلا يَقُول: لبيْك عَن شبْرمَة، فَقَالَ: من شبْرمَة؟ قَالَ: أَخ لي أَو قريب لي؟ فَقَالَ: حججْت عَن نَفسك؟ قَالَ: لَا، قَالَ: حج عَن نَفسك، وَحج عَن شبْرمَة) .رواه أبو داوود
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ الفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَت امْرَأَةٌ مِنْ خَشْعَمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»رواه البخاري
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ، جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً؟ اقْضُوا اللَّهَ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالوَفَاءِ» رواه البخاري
فهنيئا لمن حج البيت فقبل الله منه ذلك ورده طاهرا من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، وطوبى لمن سبب هذا لقريبه وحبيبه، فحج هو عنه ، أو وكل من يحج عنه نيابة شرعية صحيحة.
ومشروع حج البدل هذا يحقق هذه الغاية الشرعية ويقوم بها خير قيام، والله من وراء القصد.
د إبراهيم الجرمي